التِهابُ المَثانةِ الخِلاليُّ حالةٌ صحِّية تسبِّب شعوراً بعدم الراحة (الانزعاج)، أو بالألم، في المَثانة والبطن. وهي شائعةٌ لدى النساء أكثر ممَّا هي شائعةٌ لدى الرجال. تَتَفاوت أعراضُ هذه الحالة من شخصٍ لآخر؛ فهناك مرضى تجعلهم هذه الحالةَ يشعرون بحاجةٍ ملحَّةٍ ومتكرِّرةٍ إلى التبوُّل. كما أنَّ الأعراضَ لدى المرأة المصابة بهذه الحالة تتفاقم في أثناء دورات الحيض. ويمكن أن تشعرَ المريضةُ بألمٍ في أثناء الجماع.
يرى كثيرٌ من العلماء أنَّ مرض التِهاب المَثانة الخِلالي هو مجموعةٌ من الأمراض في واقع الأمر. وهناك باحثون يستخدمون مصطلحَ "مُتلازِمة المَثانة المؤلمة" عندَ الإشارة إلى الألم البولي الذي لا يستطيعون معرفةَ سببه.
لا يوجد اختبارٌ وحيد يمكنه تحديد ما إذا كان المريضُ مصاباً بالتِهاب المَثانة الخِلالي، وهذا ما يجعل من الممكن أن نشير إلى هذا المرض باعتباره أحدَ حالات "مُتلازِمة المَثانة المؤلمة". وغالباً ما يقوم الأطبَّاء بإجراء اختبارات من أجل استبعاد الأمراض الأخرى التي يمكن أن تكونَ لها أعراض مماثلة. لا يوجد شفاءٌ لالتِهاب المَثانة الخِلالي، لكنَّ المعالجةَ يمكن أن تنجحَ في مساعدة كثير من المرضى على التحسُّن. ومن المعالجات المستخدمة "نفخ المَثانة"، وغسل باطن المَثانة بمحلولٍ طبي، وتناول أدوية تُؤخَد عن طريق الفم، والجراحة أيضاً في بعض الحالات.
مقدِّمة
إن التِهاب المَثانة الخِلالي، ويرمز له بالحرفين IC، مشكلة مُزمِنة يُصاب فيها جدار المَثانة بالالتهاب والتهيج. وهو شائعٌ لدى النساء أكثر من شيوعه لدى الرجال. يُستخدم بعض الأطباء "مُتلازِمة المَثانة المؤلمة" للإشارة إلى التِهاب المَثانة الخِلالي. وهذا لأن تلك الحالة غالباً ما تسبب ألماً في المَثانة إضافةً إلى إحساسٍ بحاجةٍ ملحةٍ إلى التبول المتكرر. يساعد هذا البرنامجُ التثقيفي على فهم حالة التِهاب المَثانة الخِلالي، بما في ذلك أعراضُها وأسبابها. كما يتناول أيضاً تشخيصَ هذه الحالة وسبل معالجتها.
السبيلُ البولي:
المَثانةُ هي جزءٌ من السبيل البولي. ويتألَّف السبيلُ البولي من الأعضاء التي تقوم بصنع البول وطرحه إلى خارج الجسم. وهذه الأعضاءُ هي:
الكليتان.
الحالبان.
المَثانة.
الإحليل.
في الجسم كليتان، تقومان بتصفية الدم واستخلاص الفضلات السائلة التي ندعوها باسم "البول". يجري البولُ من الكليتين إلى المَثانة عن طريق أنبوبين طويلين هما الحالبان. المَثانةُ عضوٌ فارغ في الجزء السفلي من البطن. تقوم المَثانةُ بتخزين البول إلى أن يجري إخراجُه من الجسم. عندما يذهب الشخصُ إلى المرحاض للتبوُّل، فإنَّ البول يغادر المَثانة إلى خارج الجسم من خلال أنبوب قصير يُدعى باسم الإحليل.
الأعراض:
هناك ثلاثةُ أعراض رئيسية لالتِهاب المَثانة الخِلالي:
حاجة ملحَّة إلى التبوُّل.
تكرار الحاجةُ إلى التبوُّل أكثر من الحدِّ المعتاد.
ألم.
الحاجةُ الملحَّة إلى التبوُّل هي إحساس المريض بأنَّ عليه أن يتبوَّلَ على الفور. ويكون هذا الإحساسُ أمراً طبيعياً إذا كان المرءُ لم يذهب إلى المرحاض منذ عدة ساعات، أو كان قد شرب كمية كبيرة من السوائل. لكنَّ الإحساسَ بحاجةٍ ملحة إلى التبوُّل، قبل أن تمتلئ المَثانة فعلاً، يمكن أن يكونَ إشارة إلى مشكلةٍ صحِّية.
يُعدُّ الإحساسُ بالحاجة المتكرِّرة إلى التبوُّل عرضاً آخر من أعراض التِهاب المَثانة الخِلالي. ويكون هذا صحيحاً بوجهٍ خاص إذا أحس المريضُ بحاجةٍ إلى التبوُّل أكثر من ثمانية مرات في اليوم الواحد. إذا تناول المرءُ مقداراً كبيراً من السوائل، أو إذا تناول أدوية مدرَّة للبول، فإنَّ زيادة عدد مرات الإحساس بالحاجة إلى التبول أمرٌ طبيعي. ويكون تكرارُ الإحساس بالحاجة إلى التبوُّل دليلاً على وجود مشكلة عندما لا يشرب المرء كميةً كبيرة من السوائل، أو عندما لا يتناول الأدوية المدرَّة للبول. يعدُّ الألمُ العرضَ الرئيسي الثالث من التِهاب المَثانة الخِلالي. والمقصود بالألم هنا هو ما يتجاوز مجرَّد الشعور بعدم الراحة بسبب الحاجة إلى التبول.
وقد تكون لدى المريض مشكلةٌ صحِّية إذا شعر بحرقةٍ أو بألمٍ حاد في المَثانة أو في الحالب. لا تظهر الأعراضُ الثلاثة لدى كل مريضٍ بالضرورة. يظهر الألم وحده عند بعض المرضى، في حين يمكن أن يختفي الألم تماماً عند غيرهم مع ظهور الحاجة الملحة المتكرِّرة إلى التبوُّل.
أعراضُ التِهاب المَثانة الخِلالي لدى النساء أكثر شدةً خلال دورة الحيض عادةً. كما يمكن أن تشعرَ المريضة بالألم في أثناء الجماع أيضاً. إذا شعر المريضُ بأيِّ عرضٍ من هذه الأعراض، فإنَّ عليه استشارة الطبيب. من الممكن أن تكون الأعراض ناتجةً عن أمراضٍ أخرى أو عن حالات عدوى أو أدوية يتناولها المريض. كما يمكن أيضاً أن تكون ناتجةً عن نمطٍ غذائي أو نمط حياة معين. على سبيل المثال، فإنَّ الإكثار من تناول السوائل يمكن أن يجعل الإنسان يتبول أكثر مما هو معتاد.
الأسباب:
لا يعرف الأطبَّاءُ السببَ الكامن وراء التِهاب المَثانة الخِلالي. ويُعتقد أن مَثانة الشخص الذي يُصاب بهذا المرض تكون أكثرَ حساسية للبول، لأنَّ هناك مواد في البول يمكن أن تسبِّبَ تهيُّج بطانة المَثانة. يمكن أن يمارسَ النظامُ الغذائي دوراً في الإصابة بالتِهاب المَثانة الخِلالي؛ فهناك أطعمة معينة يمكن أن تسبِّب تهيُّج المَثانة، وذلك من قبيل الكافيين ومنتجات الحمضيات. هناك بعضُ الجوانب في نمط حياة الإنسان يمكن أن تؤدِّي إلى تكرار الشعور بالحاجة الملحة إلى التبول. إن ارتداء ملابس ضيقة يمكن أن يسبب ضغطاً على البطن، ممَّا يزيد من الحاجة إلى التبول. كما أن التدخين يمكن أن يكون له أثرٌ مماثل، لأنَّ النيكوتين يسبب تقلص المَثانة أو انضغاطها. كما يمكن أن يؤدِّي التدخين أحياناً إلى الإصابة بسرطان المَثانة.
هناك عوامل أخرى يُعتقد أنها تسبب أعراض التِهاب المَثانة الخِلالي أو أنها تؤدِّي إلى تفاقمها:
ردود فعل تحسُّسية.
ردود فعل ذات علاقة بالمناعة الذاتية.
أسباب وراثية أو خصائص موروثة.
العدوى.
لا يعرف الأطباءُ السببَ الكامن وراء الإصابة بالتِهاب المَثانة الخِلالي، لكنَّهم يعرفون عدداً من عوامل الخطورة الخاصة بهذا المرض. إن عوامل الخطورة تزيد من احتمال إصابة الشخص بالمرض. ومن الأشخاص الذين تتوفَّر لديهم عوامل خطورة مرتفعة فيما يخص التِهاب المَثانة الخِلالي:
النساء.
جميع الأشخاص في العقد الخامس من العمر.
الأشخاص المصابون باضطرابات ألم مُزمِنة، وذلك من قبيل "مُتلازِمة القولون المتهيِّج".
التشخيص:
هناك أمراضٌ أخرى لها أعراض تماثل أعراضَ التِهاب المَثانة الخِلالي. ويتوصَّل الأطباء إلى تشخيص التِهاب المَثانة الخِلالي عبر استبعاد الأمراض أو الأسباب المحتملة الأخرى. ومن هذه الأسباب:
الآثار الجانبية لبعض الأدوية.
سرطان المَثانة.
اضطرابات القولون.
الانتباذ البِطاني الرَّحِمي (البطانة الرحمية المهاجرة).
العدوى.
حتى يتمكَّنَ الطبيبُ من استبعاد الأسباب الأخرى، فقد يقوم بإجراء بعض الفحوص والاختبارات. لا يوجد فحص محدَّد وحيد يمكنه تشخيص التِهاب المَثانة الخِلالي. وبذلك، فإنَّ هذا القسم يستعرض بعض الاختبارات، والفحوص التي يمكن أن يستخدمها الطبيب. قد يطلب الطبيبُ من المريض تسجيلَ الأعراض بشكلٍ يومي. ويمكن لهذه اليوميات أن تساعدَ على تحديد مقدار ما يشربه المريض من السوائل ومقدار تكرار التبوُّل. قد يجري الطبيبُ فحصاً لمنطقة الحوض بالنسبة للنساء، وذلك من أجل التحقُّق من سلامة الأعضاء الإنجابية، لأنَّ مشكلات الأعضاء الإنجابية يمكن أن تسبِّبَ أعراضاً في المَثانة أحياناً.
قد يطلب الطبيبُ إجراءَ اختبار للبول أيضاً. ويهدف الفحص المخبري للبول إلى البحث عن وجود العدوى أو الدم أو الخلايا السرطانية، أو غير ذلك من العلامات التي تدلُّ على وجود المرض. و قد يطلب الطبيب اختبارات للدم أيضاً.
يمكن استخدامُ اختبار حساسية البوتاسيوم، وذلك من خلال إدخال محلولين مختلفين إلى المَثانة. المحلول الأوَّل هو الماء، في حين يحوي المحلول الثاني مادة كلوريد البوتاسيوم. لا يشعر الشخصُ الذي تكون مثانته طبيعية بأي فارقٍ بين المحلولين. وأمَّا الشخص المصاب بالتِهاب المَثانة الخِلالي، فقد يشعر بألمٍ وبحاجةٍ ملحة إلى التبول عند إدخال المحلول الذي يحوي البوتاسيوم. يُعدُّ تنظيرُ المَثانة من الاختبارات الممكنة في هذه الحالة. وخلال عملية التنظير يستخدم الطبيب أنبوباً دقيقاً مضاءً يُدعى منظار المَثانة، وذلك من أجل النظر مباشرةً في داخل المَثانة. قد يقوم الطبيبُ بأخذ عيِّنات من أنسجة البطن بواسطة منظار المَثانة. وهذا ما يُدعى باسم الخزعة. وبعد ذلك تجري دراسة نسيج العينة تحت المجهر، وذلك في مختبر التشريح المرضي.
إن فحص الخزعة مفيدٌ للتحقُّق من وجود خلايا سرطانية أو من الأسباب الأخرى النادرة التي يمكن أن تؤدِّي إلى ظهور هذه الأعراض في المَثانة.
المعالجة:
لا يمكن شفاءُ التِهاب المَثانة الخِلالي. لكنَّ المعالجة غالباً ما تكون مفيدةً بالنسبة لمعظم المرضى. لا يوجد علاجٌ وحيد صالح لجميع المرضى. ويعمل الطبيبُ بالتعاون مع المريض من أجل التوصل إلى أسلوب المعالجة الذي يناسب حالتَه. يمكن أن تشملَ معالجةُ التِهاب المَثانة الخِلالي الخفيف:
المعالجة الفيزيائية.
تخفيف الشدَّة النفسية.
إعادة تدريب المَثانة بحيث تتمكَّن من احتواء كمية أكبر من البول.
من الممكن إجراءُ تغييرات في نمط الحياة والنظام الغذائي بحيث تساعد على معالجة الحالات الخفيفة من التِهاب المَثانة الخِلالي. ويشعر كثيرٌ من المرضى بالراحة عندَ استبعاد بعض الأغذية التي يمكن أن تؤدي إلى تهيج المَثانة، وذلك من قبيل الكافيين ومنتجات الحمضيات. كما أنَّ هناك مرضى يشعرون بالتحسُّن عندما يمتنعون عن ارتداء الملابس الضيقة التي تسبِّب ضغطاً على البطن. وهناك مرضى تتحسَّن حالتُهم بفضل التوقُّف عن التدخين أيضاً.
هناك إجراءٌ يُدعى باسم توسيع المَثانة. وهو يمكن أن يكونَ مفيداً بالنسبة لمرضى التِهاب المَثانة الخِلالي. خلال هذا الإجراء، يجري توسيع المَثانة عن طريق ملئها بمادةٍ سائلة أو غازية.
هناك أدويةٌ يمكن أن تكون مفيدةً أيضاً. ومن الأدوية التي يمكن استخدامها لمعالجة أعراض التِهاب المَثانة الخِلالي:
إيبوبروفين، وذلك لتخفيف الالتهاب والألم.
بعض مضادَّات الاكتئاب، وذلك من أجل مساعدة المَثانة على الاسترخاء، ومن أجل تخفيف الألم.
الأدوية المضادة للتحسُّس، وذلك لتخفيف الشعور بالحاجة الملحة المتكررة إلى التبوُّل.
هناك دواءٌ خاص يدعى باسم إلميرون® يمكن أن يصفه الطبيبُ من أجل معالجة ألم المَثانة وانزعاجها. ويعدُّ هذا الدواء، في الوقت الحاضر، الدواء الفموي الوحيد الذي تم إقراره من أجل حالات التِهاب المَثانة الخِلالي تحديداً. كما يمكن أيضاً استخدام أدوية سائلة تُوضَع داخل المَثانة نفسها.
إذا فشلت هذه الأدويةُ في تحقيق الراحة للمريض، فإنَّ الطبيب يمكن أن يوصي باستخدام التحريض العصبي. وتقوم هذه الطريقةُ على إرسال نبضات كهربائية خفيفة إلى الأعصاب التي تتحكَّم في المَثانة. تساعد هذه النبضاتُ على تخفيف الأعراض لدى بعض المرضى.
في بعضِ الحالات النادرة، يمكن اللجوءُ إلى الجراحة من أجل الحالات الشديدة من التِهاب المَثانة الخِلالي، وذلك عند عدم الاستجابة إلى أيَّة وسيلة من وسائل العلاج الأخرى.
الخلاصة
إنَّ التِهاب المَثانة الخِلالي مرضٌ مُزمِن يجعل جدارَ المَثانة يُصاب بالالتهاب والتهيُّج. وهو أكثر شيوعاً لدى النساء. هناك أطبَّاء يستخدمون مصطلحَ "مُتلازِمة المَثانة المؤلمة" للإشارة إلى التِهاب المَثانة الخِلالي، لأنَّ أعراض هذه الالتهاب تسبِّب في أغلب الأحيان ألماً في المَثانة إضافة إلى الشعور بحاجةٍ ملحةٍ متكرِّرةٍ إلى التبوُّل. لا يعرف الأطبَّاءُ السببَ الدقيق لالتِهاب المَثانة الخِلالي. ويُعتقد أن الأشخاص الذين يُصابون بهذا الالتهاب تكون لديهم مَثانة حساسةٌ تجاه البول. إنَّ المواد الموجودة في البول يمكن أن تؤدِّي إلى تهيُّج بطانة المَثانة. يجري تشخيصُ التِهاب المَثانة الخِلالي عن طريق استبعاد الأسباب الأخرى المحتملة للأعراض التي تظهر على المريض. ولا يوجد علاجٌ وحيد يمكن أن يصلحَ لجميع حالات التِهاب المَثانة الخِلالي. يعمل
الطبيبُ مع المريض من أجل التوصُّل إلى أسلوب المعالجة الأفضل بالنسبة لحالته.
المصدر/ موسوعة الملك عبد الله للمحتوي الصحي